تعمل حاليا الحكومة، ممثلةً في وزارة الطاقة والمناجم بالخصوص، على تحسين الخارطة الجيولوجية للجزائر، من خلال تبني ديناميكية جديدة في القطاع المنجمي، ترجمتها مؤخرا مجموعة من المحاور للبحث والاستكشاف، حيث حققت الجزائر، خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى 2023، 26 مشروعا للبحث المنجمي على مستوى 27 ولاية، تخص أساسا استكشاف 9 مواد منجمية الأكثر ضرورة للاقتصاد الوطني، من بينها مجموعة من المواد التي كانت تستورد من الخارج، والتي تدخل ضمن الدورة الصناعية للبلاد.
في هذا الإطار، يعتبر منجم الحديد بغار جبيلات في ولاية تندوف أحد أهم المشاريع الاستراتيجية لتطوير القطاع، وهو يمتد على مساحة إجمالية تقدر بـ50 ألف هكتار، وقد كشفت الدراسة المنجزة في المنطقة الأولى المسماة “غار جبيلات غرب”، على مساحة تمتد 5000 هكتار، أن به احتياطا يقدر بـ3 مليار طن من خام الحديد، من بينها 1.75 مليار طن من الاحتياطات القابلة للاستغلال وفقا للمعايير الدولية المعمول بها في القطاع المنجمي.
وذكرت مصادر مطلعة على الملف من وزارة الطاقة والمناجم أنّ هذه الأرقام تؤكد أهمية المنجم للاقتصاد الوطني، خاصة أنّ تحقيق هدف إنتاج 12 مليون طن من الحديد والصلب، المسطّر لسنة 2025، يتطلب توفير 20 مليون طن من خام الحديد، أما الهدف المبرمج لآفاق سنة 2040 فهو إنتاج ما يفوق 40 مليون طن من خام الحديد من هذا المنجم، خاصة بعد تجسيد مشروع خط سكة الحديد بالشراكة مع المجمع الصيني.
وأشارت مصادر “الخبر” إلى أنّ مشروع منجم غار جبيلات الذي تتراوح تكاليف الاستثمار به، حسب الأرقام الأولى، ما بين 7 إلى 10 مليار دولار يوفر 5000 منصب شغل مباشر وحوالي 20 ألف منصب عمل آخر غير مباشر، وهو ما يضاف إلى المشاريع الهيكلية الأخرى لتطوير القطاع المنجمي، كما هو الشأن بالنسبة لمشروع استغلال الفوسفات بمنطقة بلاد الهدبة في ولاية تبسة، لإنتاج 10 مليون طن من خام الفوسفات ينتج منه 6 مليون طن من مركز الفوسفات، يمكن أن تنتج منه بعد عمليات التحويل 4 مليون طن من الأسمدة الفلاحية. بينما يساهم هذا المشروع في توفير 4000 منصب شغل مباشر، فضلا عن أزيد من 14 ألف منصب عمل آخر بطريقة غير مباشرة.
ويعد منجم إنتاج الزنك والرصاص لواد أميزور أحد أهم المشاريع الاستراتيجية للقطاع المنجمي والاقتصاد الوطني على السواء، حيث ذكرت المصادر ذاتها بأنّ المنجم الذي تقدر تكلفة استثماره بـ400 مليون دولار يعتبر من بين 10 مناجم الأولى في العالم في مجال إنتاج الزنك والرصاص، حيث كشفت الدراسات المنجزة بالشراكة مع الشريك الأسترالي “تيرامين” أنّ الاحتياطات المتوفرة تقدر بـ54 مليون طن، من بينها 34 مليون طن خام اقتصادي موجّه للإنتاج، يمنح البلاد إنتاجا يقدر بـ170 ألف طن من الزنك المركز سنويا، و30 ألف طن من الرصاص المركز سنويا.
ومن هذه المنطلقات، فإنّ استغلال هذا المشروع يضع الجزائر على خارطة البلدان المنتجة للزنك والرصاص على مستوى العالم، في وقت يرتفع الطلب على هذا النوع من المواد لاستعمالاته الكبيرة في العديد من أنواع الصناعات، على غرار قطاع الصناعة الميكانيكية، الترصيص، صناعة البطاريات، ما يدفع أسعاره إلى الارتفاع، إذ بلغت أسعار الزنك 2400 دولار للطن، كما بلغ سعر طن الرصاص 2200 دولار، وهو مرشح لتسجيل أسعار أعلى في ظل ارتفاع الطلب على هذه المواد.